محرك البحث

Google

السبت، أغسطس 30، 2008

أولا ابراهيم وآية البعث

كان أهل بابل ينعمون برغد العيش ويتفيئون ظلال النعمة ، ولكنهم كانوا يخبطون في دياجير الظلام ، ويتردون في مهاوي الضلالة ؛ فقد نحتوا الأصنام بأيديهم ، وصنعوها على أعينهم ، ثم جعلوها أربابا ، ونصبوها آلهة ،وعكفوا على عبادتها من دون الله الذى خلقهم ، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة .

وكان نمرود بن كنعان بن كوش قابضا على زمام الملك فى بابل ، وحاكما بأمره مستبدا برأيه . ولما رأى ما يتقلب فيه من نعيم ، وما يتمتع به من سطوة الملك وما يحيط به من قوة السلطان ، ثم ما اطبق على القوم من الجهل ، وما ران على قلوبهم من عمه ، أقام نفسه إلها ، ودعا الناس بعبادته . ولما لا يلزمهم الخضوع له ، ويطلب منه عبادته وتعظيمه ،وقد وجد الجهل فاشيا ، والعقائد الفاسدة ، والقوم فى ضلال مبين ! ألم يعبدوا الحجارة الصماء ، والتماثيل الجوفاء ، وهي لا تسمع ولا تبصر، ولا تملك له نفعا ولا ضرا ! أما هو فينطق ويفكر ويدرك ويشعر ، ويفيض عليهم الخير ، ويدفع عنهم ، ويستطيع أن يصير فقيرهم غنيا ، ويجعل عزيزهم ذليلا وهو ذو قوة فيهم ، وصاحب سلطان عليهم .

فى وسط هذه البيئة الفاسدة ، وفي بلدة فدام آرام من هذه المملكة ولد إبراهيم لأبيه آزر ، ثم آتاه الله الرشد ، وهداه الله الحق ، فعرف بصائب رأيه وثاقب فكره ، ووحى ربه أن الله واحد ، وأنه المهيمن على الكون ، والمسيطر على العالم ، وأدرك أن هذه الأصنام التي يعبدوها ، وتلك التماثيل التي ينحتونها ، لا تغنى عنهم من الله شيئا ، لذلك أزمع الدعوة إلى توحيد الله ، وعزم على تخليص قومه من وهدة الشدة ، وأعد العدة ليتنيهم عن ضلالهم ، واتخذ الأهبة لردهم عن غيهم .

وقد كان إبراهيم مفعم النفس بالإيمان بربه ، ممتلئا بالثقة واليقين بقدرة خالقه ، مؤمنا بما أوحى إليه ، من بعث الناس بعد موتهم ، وحسابهم في حياة أخرى على أعمالهم ، ولكنه أراد أن يزداد بصيرة وإيمانا ، وثقة ويقينا . وتطلع إلى أن يلمس الآية البينة على البعث ، ويرى الحجة الواضحة على النشور ، فسأل ربه أن يريه كيف يحيى الموتى بعد موتهم ، ويبعثهم بعد فناء أجسامهم ؟ فقال الله له : ((أولم تؤمن ! قال : بلى ! )) قد أوحيت إلى ، وآمنت وصدقت ، ولكنى طاقت نفسي للعيان (أي عاين الشيء عيانا : رآه بعينه ) ، وامتدت عيني إلى المشاهدة ، ليطمئن قلبي ، ويزداد يقينا .

ولما كان إبراهيم أن تطمئن نفسه ، ويستقر فؤاده ، أجاب الله سؤله ، وأمره أن يأخذ أربعة من الطير ، ويضمها إليه ، ليتعرف أجزاءها ، ويتأمل خلقها ، ثم يجعلها أجزاء ، ويفرقها أشلاء ، ويجعل على كل جبل منهن جزءا ثم يدعوهن إليه ، فيأتينه سعيا بإذن الله .

فلما فعل صار كل جزء ينضم إلى مثله ، وعادت الأشلاء كل في مكانه ، وسرعان ما سرت فيها الحياة ، ورجعت إليها الروح ، وسعت إليه بقدرة الله ، وسارت إليه بإرادته ، وهو يرى آياته البينة ، وقدرته الباهرة التي لا يعجزها شيء في السماوات ولا في الأرض .

هذه الطيور أزهق روحها ، ومزق أجسادها بيده ، ثم تناثرت أشلاؤها وتفرقت أعضاؤها على عينه ، ولما دعاها أقبلت عليه ، واجتمعت إليه ، ثم تماسكت أجزاؤها واتصل ما تفرق منها ، وعادت إليها الحياة ! وما من أحد يرى ذلك ثم يساوره شك ، أو يتخالجه ريب في قدرة الله على بعث الموتى من مراقدهم ، ونشرهم من قبورهم ، سبحانه ! إذا أراد شيئا فلا مرد له ، وهو العزيز الحكيم .

هناك تعليق واحد:

مستر البرنس يقول...

ما شاء الله انا مستغرب مدونة حلوة كده ومفيهاش ولا تعليق اتمنى انا اكون من أصحاب المدونة